أول رد رسمي من الحكومة علي الأنباء المتداولة بشأن إعلان إفلاس البلاد
بيان هام من الحكومة
كتبت /صافي رضوان
شـهدت الفتـرة الماضيـة إثـارة العديـد مـن الشـائعات أو االدعـاءات الم ِغرضـة عـن
االقتصـاد المصـري والوضـع المالـي لـه، وفـي هـذا اإلطـار يهتـم هـذا التقريـر بالـرد
علـى تلـك االدعـاءات والشـائعات باالسـتناد إلـى المصـادر الرسـمية والدوليـة الموثوقـة.
َّتـم فـي هـذا السـياق الـرد علـى عـدد )17 ) ً ادعـاء ً وزعم ً ـا رئيسـا، وكل منهـا يتضمـن العديـد
مـن المزاعـم واالدعـاءات الفرعيـة، وكان مـن أبـرز تلـك االدعـاءات والمزاعـم مـا تعلـق
بحجـم الديـن الخارجـي لمصـر، والموازنـة العامـة للدولـة، وسـعر صـرف الجنيـه،
وتصنيف مصر االئتماني، ووثيقة سياسـة ملكية الدولة،وجدوى المشـروعات القومية،
وقـرض صنـدوق النقـد الدولـي، وقنـاة السـويس، وأوضـاع البورصـة المصريـة، وارتفـاع
أسـعار السـيارات، وتعامـل الدولـة مـع األزمـة االقتصاديـة، وأوضـاع منظومـة القمـح،
والثـروة الحيوانيـة والسـمكية والداجنـة والمـواد التموينيـة فـي مصـر، ونقـص األدويـة،
ومشـروعات الطاقـة، وأوضـاع السـياحة، وفعاليـات المؤتمـر االقتصـادي - مصـر 2022
يمـا يتعلـق بالزعـم بـأن مصـر م َ عرضـة لإلفـاس؛ بسـبب ارتفـاع حجـم الديـون،
وتضاعـف فاتـورة خدمـة الديـن:
أوًاًل:
ُ المزاعم واالدعاءات بشأن حجم الدين الخارجي لمصر، والزعم بأن مصر م َّعر َضة
لإلفالس؛ بسبب ارتفاع حجم الديون، وتضاعف فاتورة خدمة الدين، واالدعاء بأن
ُ مصر م َّهد ُ دة بعدم سداد ديونها، والزعم بأن مصر ستصبح أكبر م َصِدر للديون
السيادية بين األسواق الناشئة، وتراجع قيمة السندات السيادية المصرية:
فـي ظـل األزمـات االقتصاديـة المتعاقبـة التـي شـهدها العالـم خـال الفتـرات السـابقة،اتجهت حكومـات دول العالـم
إلـى تبنـي سياسـات اقتصاديـة توسـعية؛ للتخفيـف مـن تبعـات اآلثـار السـلبية لتلـك األزمـات االقتصاديـة علـى األسـر
والشـركات، وهـو مـا أدى إلـى ارتفـاع ملمـوس فـي مسـتويات المديونيـة العالمية،والتـي ارتفعـت لتسـجل نحـو 350 %
مـن الناتـج اإلجمالـي العالمـي بنهايـة الربـع الثانـي مـن عـام 2022.
ً بدورهـا تبنــت الحكومـة المصريــة خـال الســنوات السـابقة وتحديــدا خــال الفتــرة )2014-2022 )العديــد مــن
اإلجـراءات؛ لتنشـيط األداء االقتصـادي ودفـع النمـو االقتصـادي، وتوفيـر المزيـد مـن فـرص العمـل المنتـج، وتعزيـز
االسـتثمارات فـي مسـتويات البنيـة التحتيـة، كمـا ركـزت خـال األعـوام الثالثـة الماضيـة علـى تحفيـز اإلنفـاق العـام؛
لمواجهـة التداعيـات الناتجـة عـن أزمـة" كوفيـد-19 ،"واألزمـة الروسـية ــــــ األوكرانيـة.
َّ تتبنــى مصــر منــذ عــام 2016 ً نهج ً ــا متكامــا لإلصــاح المالــي؛ بهــدف تبنــي تدابيــر وسياســات وإجــراءات مــن
شــأنها تحقيــق االنضبــاط المالــي والتحــرك باتجــاه مســتويات أكثــر اســتدامة للديــن العــام، وهــو مــا أســفر عــن
تراجــع مســتويات الديــن العــام المحلــي، والتــي تراجعــت مــن مســتويات تفــوق 100 %مــن الناتــج خــال عامــي
2015/2016 و2016/2017 إلـى 87 %خـال العـام المالـي 2021/2022 ، ً وهـو مـا يقـل كثيـرا عـن النسـبة المسـجلة
علـى مسـتوى العالـم، وينخفـض كذلـك بالقيـاس بالنسـبة المثيلـة المسـجلة فـي العديـد مـن االقتصـادات الناميـة
والمتقدمــة والتــي تجــاوزت 100.%
وفـق المعيـار االقتصـادي األساسـي السـتدامة الديـن، يسـهم عـدد مـن العوامـل فـي ضمـان تحـرك الديـن العـام إلـى
الناتـج المحلـي اإلجمالـي فـي مسـارات آمنـة، ومـن أهمهـا مواصلـة االقتصـاد المصـري لتحقيـق فائـض أولـي فـي
الموازنـة العامـة للدولـة بلغـت نسـبة 3.1 %فـي العـام المالـي 2020/2021 ،واالرتفـاع الكبيـر المسـجل فـي معـدالت
نمـو االقتصـاد المصـري والتـي بلغـت 6.6 %خـال العـام المالـي ذاتـه.
ً أحــرزت مصــر تقدم ً ــا مقارنــة بعــدد مــن الــدول المناظــرة لهــا فــي الفائــض األولــي كنســبة مــن الناتــج المحلــي
اإلجمالـي خـال العـام المالـي 2021/2022 بنسـبة 3.1%؛ حيـث بلغـت هـذه النسـبة فـي باكسـتان )0٫4 )%وسـجلت
ً هـذه النسـبة انخفاض ً ـا ملحوظـا فــي عــدد مــن الـدول المناظــرة لمصـر لتسـجل عجـز فــي الميـزان األولـى كمـا
فـي )الجزائـر )-11٫5 ،)%والصيـن )-7٫8 ،)%والهنـد )-3٫6 ،)%والمغـرب )-3٫3 ،)%وجنـوب إفريقيـا )-2٫9 ،)%
وإندونيســيا )-2٫4 ،)%والبرازيــل )-2٫1 ،)%وتركيــا )-0٫9 ،)وكولومبيــا )-0٫5،)كمــا انخفضــت النســبة للناتــج
المحلـي اإلجمالـي لالقتصـادات الناشـئة خـال العـام المالـي 2021/2022 لتسـجل عجـز بنسـبة -4٫7 ،%
تسـتهدف الدولـة المصريـة خـال الفتـرة المقبلـة الحفـاظ علـى االنضبـاط المالـي، وخفـض عجـز الموازنـة إلـى
6.5 %مــن الناتــج المحلــي اإلجمالــي، وتحقيــق فائــض أولــي فــي الموازنــة العامــة للدولــة بصــورة دائمــة بنســبة
2 %مـن الناتـج المحلـي اإلجمالـي، بمـا يسـاهم فـي خفـض المديونيـة، وتحقيـق االسـتقرار المالـي واالقتصـادي
للموازنـة العامـة للدولـة، وضمـان األمـان لألجيـال الحاليـة والمسـتقبلية. إضافـة إلـى عـودة المسـار النزولـي لنسـبة
المديونيـة الحكوميـة لتصـل إلـى 5.82 %بنهايـة يونيـو مـن عـام 2025 ،وخفـض فاتـورة خدمـة ديـن أجهـزة الموازنـة
إلــى 5٫6%مــن الناتــج بحلــول عــام 2025/2026 ،وإطالــة عمــر ديــن أجهــزة الموازنــة ليقتــرب مــن 5 ســنوات فــي
المـدى المتوسـط؛ لتخفيـض الحاجـة إلـى التمويـل السـريع.
بالنسـبة للديـن الخارجـي، مـا زالـت مصـر ضمـن الحـدود اآلمنـة فيمـا يتعلـق بمؤشـر نسـبة الديـن الخارجـي إلـى
الناتـج المحلـي اإلجمالـي؛ حيـث وصلـت تلـك النسـبة إلـى 1.34 ،%فـي حيـن أن حـدود المخاطـر القصـوى )50.)%
هناك العديد من المؤشرات اإليجابية فيما يتعلق بهيكل الدين الخارجي لمصر لعل من أبرزها:
تنـوع أدوات الديـن الخارجـي مـا بيـن: قـروض، وودائـع، وسـندات مصـدرة، وتسـهيالت ائتمانيـة قصيـرة األجـل،
ومخصصـات مصـر لـدى صنـدوق النقـد الدولـي.
تنـوع مصـادر تمويـل الديـن الخارجـي مـا بيـن مؤسسـات التمويـل الدوليـة واإلقليميـة، ودول عربيـة، وسـندات
مصــدرة بالخــارج، وقــروض مقدمــة مــن تحالفــات البنــوك األجنبيــة، ودولــة الصيــن. وهــو أمــر لــه مميــزات
عديــدة بمــا يضمــن توســيع قاعــدة الدائنيــن وتفــادي تركــز المديونيــة.
تأتـي المؤسسـات الدوليـة علـى رأس مصـادر التمويـل للديـن الخارجـي، وتتميـز تلـك المؤسسـات بتقديـم أغلـب
قروضهـا فـي شـكل قـروض طويلـة األجـل بفوائـد منخفضـة.
ترتـب علـى االعتمـاد فـي مصـادر تمويـل الديـن الخارجـي علـى مؤسسـات التمويـل الدوليـة ومصـادر التمويـل
َّـق علـى محفظـة الديـن الخارجـي 58.3 ،%وهـو معـدل
الثنائيـة، بلـوغ متوسـط سـعر الفائـدة المرجـح والمطب
ّجيـد.
معظـم المديونيـة الخارجيـة الخاصـة بمصـر هـي ديـون متوسـطة وطويلـة األجـل بنسـبة 82 ،%فيمـا بلـغ متوسـط
عمـر محفظـة الديـن الخارجـي فـي نهايـة يونيـو 2022 نحـو 41.6 أعـوام.
ُلثـي إجمالـي الديـن )62 ،)%وهـو أمـر جيـد؛ ألنـه
ً تشـكل نسـبة المديونيـة التـي تطبـق سـعر فائـدة ثابتـا نحـو ث
ً يخفـف مـن وطـأه مخاطـر االرتفاعـات المتتاليـة فـي أسـعار الفائـدة علـى المسـتوى العالمـي حاليـا.
فيما يتعلق باالدعاء بأن مصر لم تستطيع تسديد الدين الخارجي في الفترة القادمة
مصـر ملتزمــة، ولعقـود طويلـة، بسـداد مديونياتهـا الخارجيـة، وهنـاك العديـد مـن المؤشـرات االقتصاديـة التـي
تعـزز مـن قـدرة مصـر خـال الفتـرة المقبلـة علـى سـداد مديونياتهـا، ولعـل مـن أبرزهـا تحسـن العديـد مـن مصـادر
النقــد األجنبــي، والتــي يأتــي علــى رأســها ارتفــاع معــدل نمــو الصــادرات المصريــة بنســبة 1.53 %خــال العــام
المالــي 2021/2022 لتســجل 9.43 مليــار دوالر، والزيــادة فــي إيــرادات الســياحة بنســبة 1.121 %لترتفــع إلــى
7.10 مليــارات دوالر، إضافــة إلــى االرتفــاع الكبيــر المســجل فــي عائــدات قنــاة الســويس، والتــي بلغــت نحــو 7
مليـارات دوالر فـي الفتـرة نفسـها، وارتفـاع تدفقـات االسـتثمار األجنبـي المباشـر لتصـل إلـى مـا يقـارب 9 مليـارات
دوالر فـي العـام نفسـه.
فـي ظـل اإلعـان عـن عـدد مـن القـرارات االقتصاديـة التـي مـن شـأنها المزيـد مـن تمكيـن القطـاع الخـاص ومـن
بينهـا تحريـر سياسـة سـعر الصـرف والتوجـه نحـو تبنـي كل السياسـات لحـل المشـكالت التـي تواجـه المسـتثمرين
ِّ والمصنعيـن؛ انخفضـت بشـكل كبيـر احتمـاالت تعثـر مصـر عـن سـداد ديونهـا.
األمــر ذاتــه أكدتــه وكالــة "بلومبــرج" التــي قامــت فــي ظــل تعــرض األســواق الناشــئة لضغــوط ناجمــة عــن ارتفــاع
الديـون، وتراجـع النمـو االقتصـادي، والتنويـه بتخلـف تاريخـي عـن سـداد الديـون، بإعـداد نمـوذج لتقديـر مخاطـر
عــدم الســداد فــي 41 دولــة ناشــئة علــى مــدار العــام القــادم. وأشــارت وكالــة بلومبــرج إلــى أنــه باســتثناء الــدول
التـي تخلفـت عـن السـداد بالفعـل، هنـاك 11 دولـة أخـرى لديهـا احتمـال عـدم القـدرة علـى السـداد بنسـبة 10 %أو
أعلـى فـي العـام المقبـل ليسـت مـن بينهـا مصـر؛ حيـث أشـارت المؤسسـة فـي المقابـل إلـى أن مصـر مـن المتوقـع
أن تسـتفيد خـال الفتـرة المقبلـة مـن الدعـم الناتـج عـن سياسـة تحريـر سـعر الصـرف فـي جـذب المزيـد من الاستثمارات